About The Book
نبذة عن مجتمع دير المدينة
وهنا تعتبر قرية دير المدينة هي المصدر الرئيسي لمعلوماتنا عن الحياة في تلك الفترة. ودير المدينة هي القرية التي سكنها مختلف الطوائف من نحاتين ورسامين والمهنيين من نجارين وحدادين ورؤساء العمل المشرفين الذين شيدوا وزخرفوا مقابر الملوك بوادي الملوك ومقابر الأشراف وعدد كبير من المعابد الجنائزية للأسرتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة.
وتعتبر قرية دير المدينة من أغنى مصادر التاريخ في عصر الرعامسة، حيث عثر بها على العديد من الكسر الفخارية المنقوشة والمكتوبة بواسطة سكانها وعدد من الألواح الحجرية المنقوشة التي سجلت تفاصيل حياة هذا المجتمع.
ويرجع تأسيس دير المدينة إلى الملك «أمنحتب الأول» الذي عبده سكان القرية هو وأمه الملكة «أحمس نفرتاري». وتقع دير المدينة في الصحراء في الجنوب بين وادي الملكات في الغرب ومعبد الرامسيوم في الشرق وعرفت باسم «ست ماعت» أي مكان الحق، وعرف سكانها بالذين يعملون في مكان الحق.
وكان فريق العمال يقسم إلى مجموعتين ولكل مجموعة رئيس عمال يعرف بـ «المشرف على الإنشاءات في مكان الحق». ومع وجود اثنين من الرؤساء لعدم تركيز السلطة في يد واحدة، كان لا بد من حدوث منازعات ومنها تلك التي سجلت بين رؤساء العمال في دير المدينة مثل ما حدث بين «بانب» و»حاي»، حيث هدد الأول الأخير بالقتل قائلا له: «سوف انتظرك في الجبل لأقتلك». وكان اختيار رؤساء العمل يتم بواسطة الفرعون ويعينون من قبل الوزير.
في بداية الأمر كان رئيس العمال يقدم مؤهلاته وقدراته الشخصية التي تؤهله لشغل هذا المنصب المهم؛ لكن شغل هذا المنصب أصبح وراثيًا في عصر الرعامسة. وتعد قطع الأوستراكا (كسر الفخار المكتوب) التي ارتبط بعضها بالمنازعات القضائية بين سكان القرية وبعض منها خاص بالمراسلات الشخصية بين السكان، في حين ضمت قطع أخرى الوصايا التي تركها بعض من أفراد القرية قبل موتهم، ولم تخلُ ثالثة من تلك السخريات التي سخر فيها العمال من رؤسائهم من أهم مصادر دراسة الحياة في مجتمع دير المدينة.
وكان التبني من الأمور الشائعة في القرية، ولعل أشهر حالات التبني هي تلك التي تبنى فيها رئيس العمال «نفر حت» ذلك الطفل المدعو»بان»، وحين كـبر»بانب» أصبح رئيسًا للعمال إلا انه لم يكن بارًا بوالديه بالتبنى، وعرضت إحدى قطع الأوستراكا تهديد وجهه «بانب» لوالده بالتبني، إذ توعده بالقتل وقيل إنه طارد رئيس العمال «نفر حت» الذي رباه! بل أجبر المسكين أن يلزم داره. ويبدو أن القصة كانت مؤثرة جدًا في القرية لدرجة الحرص على تسجيلها بكل تفاصيلها، الأمر الذى يؤكد أنها كانت صادمة في مجتمع به تقاليد وعادات محترمة.
0 مراجعة