مقدمة مبسطة
وفى دفاعنا عن الحضارة المصرية لابد ان نقول للعالم اجمع بان سيسرو كان مخطأ ونقد مصر لامر سياسى رومى سياسى داخلى بحت وباثبات أيضا وليس الامر له علاقة على الاطلاق بالحضارة المصرية القديمة.
فلقد ولد سيسرو (ماركوس توليوس كيكرو = سيسرو او شيشرون) في عام 106 ق.م وهو نفسه عام مولد القاد الرومى الشهير بومبيوس، وهو في الأصل سياسى وكاتب وفيلسوف واصبح خطيب روما الأشهر في عام 50 ق.م.
وفى هذا العام حد الصراع السياسى الكبير في روما بين القائد بومبيوس وبين القائد يوليوس قيصر الذى اصبح امبراطور روما فيما بعد، مما دفع بومبيوس بالهرب الى مصر وخاصة مدينة الإسكندرية في عهد الملكة كليوباترا.
ومن هنا غضب سيسرو غضبا شديدا لهروب بومبيوس الى مصر وخاصة بعد علمه بان القائد يوليوس قيصر ينوى النزوح الى مصر وتتبع بومبيوس وقتله. ومن هنا زاد غضب سيسرو على الاحداث وعلى مصر وملكة مصر التي تأوى هذا الرومى الهارب وقام بعمل خطابه الشهير في روما وقال مقولته الشهيرة والتي تتردد حتى الان وبالنص (ان المصريين يستحقون الاحتقار وعبدة حيوان بل ويكونوا موضع احتقار) فهل تفهم البعض ولو حتى فلسفيا مقولة الفيلسوف سيسرو!! فهل درس سيسرو الحضارة المصرية القديمة مثلا؟؟
وفى عصرنا الحديث يذكرنى سيسرو بمن يهاجم مصر بدون حتى دراسة تاريخها او زيارتها. ثم لماذا يتمسك بعضا من الناس بمقولة المصريين عبدة حيوان وهم انفسهم لم يدرسوا هذه الحضارة بجدية شديدة. والسؤال الان الى متى سوف نسكت نحن المصريين على من يهين بلدنا قديما وحديثا!!!.
فموضوع تقديس وعبادة الحيوان في مصر لا أساس لها من الصحة على الاطلاق وبادلة قاطعة سنسردها في بحثنا هذا، وتعود الجذور الأولى في ذلك الى العصر البطلمى نفسه وليس قبل ذلك. فكان آنذاك خطأ تاريخيا كبيرا نعانى منه حتى الان وهو خلط مفهوم العقيدة او الديانة بين مصر والعقيدة اليونانية، ثم جاء التفسير الخاطىء والترجمات الخاطئة في عصرنا الحديث وادى كل ذلك الى خلط الأوراق بدون الرجوع الى صحيح العقيدة المصرية القديمة وكما تعرفنا عليها منذ عهد نصوص الاهرامات حتى الوصول الى العصر البطلمى المسبب لكل هذه المشاكل كلها.
فلو كان المصرى القديم عابدا للحيوان والتي تعود جذورها الى عصر ما قبل الاسرات كما يقول البعض خطأ، ما كان المصرى القديم قد ذبح بقرة وتغذى من لحمها والتي هي رمزا للالهة حاتحور، وما كان قتل التمساح والذى هو رمزا للاله سوبك، ثم من ناحية أخرى وهى ناحية فلسفية مدققة وهو ان هناك فارق كبير بين العبادة والتقديس.
ومن هنا لو تتبعنا المصرى القديم في اقدم العصور ومن قبل توحيد القطرين مثلا نجد انه تعامل مع الطبيعة واتخذ من الطبيعة رموزه الكثيرة سواء كانت طبيعة حيوانية او نباتية او سماوية ولذلك اتخذ في الكثير من رموزه الاشكال الحيوانية.
ومن ناحية أخرى أيضا نجد بان المصرى القديم اتخذ اشكال إنسانية لبعض الهته ولم يصورها على الاطلاق في صورة غير الصورة الإدمية، وهذا يدل على الرمزية في كل الأحوال وليس رمزية مقدسة او رمزية تعبدية وما الى اخره من فلسفات وضعها البعض وخاصة الاجنبى عند بداية اكتشافهم للحضارة المصرية القديمة في العصر الحديث والتي بدات مع حملة نابليون بونابارت والى يومنا هذا.
وكما سبق القول فان اللخبطة الكبرى كلها حدثت في العصر البطلمى وليس قبل ذلك، كما ان الاجنبى نفسه عندما بدأ يكتب عن العقيدة المصرية القديمة بداها من كتابات العصر البطلمى وليس من عهد الدولة القديمة وهذا ما دفع بظهور الاختلاف الكبير في الرؤية والتوضيح بين المدارس الأجنبية المختلفة والتي شغلت نفسها بالتاريخ المصرى القديم، ومنها على سبيل المثال فكرة الثالوث والتي ليس لها اية جذور من الصحة في الفكر والعقيدة المصرية القديمة. وهى فكرة بكل المقاييس دخيلة على العقيدة المصرية القديمة، وان اول من ادخلها هو بطليموس الاول (سوتر) نفسه فى عام 300 ق.م. وفى هذا الامر بدون التوغل فيه لانه ليس لب موضوعنا ههنا ولكن يترأى لنا سؤال هام لكل المتخصصين في الدراسات المصرية وهو: اين ذكرت كلمة الثالوث فى اللغة المصرية القديمة؟؟
ففى حقيقة الامر فان كلمة الثالوث لم تظهر فى الوثائق المصرية القديمة قط وللاجابة على ذلك نتناوله فى عدة نقاط هامة كما يلى:-
1- فان كلمة الثالوث لم تظهر فى الوثائق المصرية القديمة، والثالوث ياتى من كلمة ثلاثة وتعنى (خمت) و(ثالوث الالهة = خمت نترو).. فهل نجد هذا اللفظ فى المصريات كلها اى ما قبل العهد البطلمى!!.
2- وبدراسة المقاطعات المصرية مثلا والتى عددها 42 مقاطعة نجد ان هناك مقاطعات لديها الها واحدا واخرى اثنين واخرى ثلاثة واخرى اربعة وهذا ينفى تماما صحة مقولة الثواليث المصرية.
وهكذا يتضح فى بسطة وجيزة بان فكرة الثالوث لم تكن فى خلد المصرى القديم قط ولا حتى فى آلهه الاقاليم ولا كما ذكرت الاثارية مدام (دى باك) في كتباها عن الديانة المصرية القديمة واسترشدت بلوحة الملك (منكاورع) وههنا نقول لها: من اين اتيتى بهذا الامر مع انه في اللوحة الهتين فقط وليس ثلاثة وان الملك منكاورع لم يؤله نفسه على سبيل المثال والتدقيق؟؟.
وأيضا لو تجولنا في التدقيق التاريخى للعقيدة المصرية القديمة من واقع نظرية الخلق وهى التي تعتبر اقدم نظرية خلق في التاريخ لا نجد اى ذكرا للثالوث بل سمى (تاسوع او تاسوع هليوبليس) وما به من تسعة الهة.
ولو رجعنا الى الاقدم من ذلك وخاصة فى نظرية الخلق المصرية القديمة نجد ان اول اله يصل الى الارض بعد خلق الكون والمياه الازلية (نون) وقبل خلق الانسان نفسه فكان الاله اتوم (انسان او اله حى) ولقد سمى بـأسم (الاله العظيم) ومع تطور الايام وخاصة فى عهد الدولة القديمة نجد خصائص لهذا الاله وخاصة بعد دمجه مع اله الشمس ونجد لقبا اخر له وهو (تم خبرى = الاله الواحد) وكذلك فى بعض النصوص (نتر واع = الاله الواحد) فلم نجد اية رمزية او اية نصوص قديمة توحى بفكرة الثالوث وكما سبق القول.
ففكرة الثالوث مما لاشك فيه على الاطلاق هى فكرة بطلمية بحتة ولها اسبابها بطبيعة الحال ولم تكن موجودة اصلا فى الفكر المصرى العقائدى القديم، ومما ساعد على انتشار هذه الفكرة ذلك التوافد الكبير المقدونى الى مصر بالالاف فى صورة مواطنين اغريق وجنود وفنانين وشعراء، وكلهم ممجدين فى الاسكندر الاكبر وفى حاكم مصر الاغريقى الملك بطليموس الاول سوتر.
فلقد رغب بطليموس سوتر من اجل تقوية اواصر ملكه فى مصر فى أيجاد عناصر مشتركة تجمع بين الاطياف المتعددة فى هذه الممكلة الوليدة. ومن هنا نشأت فكرة الثالوث الدينى الجديد ممزوجة بالالهة المصرية القديمة والتى عرفها المصريون منذ القديم من الزمان. ومن المعروف جيدا فى التاريخ الخاص ببطليموس الاول سوتر بانه استعان بلجنة دينية وضم فى عضويتها الكاهن المصرى (منتو) وكاهنا اغريقيا يدعى (تيموسيوس) وخرج الى النور الثالوث الجديد الذى كان مقره فى الاسكندرية عاصمة مصر البطلمي، ولانننسى بجانب ذلك الدور الكبير الذى قام به (هيكاته الابدرى) والذى نوهنا عنه من قبل في كتابى ترميم التاريخ.
وقد كان على رأس هذا الثالوث الإله (سيرابيس) ذلك الإله الذي يمثل المزيج بين أحد أهم الآلهة المصرية وهو الإله (أوزوريس) الذي عبد من كافة طوائف الشعب المصري بصفته إلهًا للعالم الآخر. ولم يكن من الصعب بعد ذلك إقناع الإغريق بأن هذا الإله هو (ديونيسوس) أو حتى (زيوس) بحد ذاته. وقدم الإله الجديد في صورتين إحداهما حيوانية والأخرى آدمية كما ألفها الإغريق. أما باقي الثالوث فقد كانت آلهته مصرية عريقة الإلهة (إيزيس) تمثل فيه الضلع الثاني وتعتبر الإلهة الأم، أما الضلع الأخير فيمثله الطفل (حورس) الإله المصري الذي قدم بشكل إغريقي جديد تحت اسم (حربوقراطيس). وبذلك نرى أن البطالمة استطاعوا من خلال هذا الثالوث الجديد أن يوحدوا ما بين عقائد المصريين والإغريق وبالتالى ضمنوا الولاء السياسى ودفع عجلة الإنتاج وقيام المملكة المصرية البطلمية.
وهذا كله يدل على ان المصرى لم يعبد الحيوان قط ولم يدخل في روعه أيا من تلك الأشياء على الاطلاق الا منذ ظهور العصر البطلمى وليس قبل ذلك. ونهتم الان بموضوع هذه العبادة وهذا التقديس ونكتب على أهمية ما كتب عن ذلك مثل عبادة العجول ونتناول الامر بكل تدقيق تاريخى لتعرف اين كان يكمن الخطا التاريخى والذى يصدقه البعض حتى يومنا هذا ونتناول الامر في العجول الأشهر على الاطلاق في تاريخنا المصرى البطلمى.
أصل سيرابيس والسرابيوم
صورة الاله سيرابيس في الصورة الحيوانية والادمية
ويحدثنا المؤرخ الاغريقى بلوتارخ الذى كتب تاريخه فى عام 120م وهو اول من تخصص فى الكتابة عن العقيدة المصرية القديمة، والذى الف كتابا رائعا باسم (ايزيس واوزوريس) والمحفوظ حتى الان كاملا فى المكتبة القومية للاثار فى اليونان يقول فى كتابه بالنص ((بأن بطلميوس الأول كون لجنة من علماء الدين، وكان من بين أعضائها الكاهن المصري منتو والكاهن الإغريق تيموسيوس وقد استقر راى اللجنة على ان يكون محور الديانة الجديدة ثالوثا يتألف من سيرابيس وايزس وحربوقراطيس، وقامت اللجنة بتنظيم شئون هذه الديانة. وهكذا ادخل فى الثالوث الهين مصريين اما سيرابيس فكان الاله الاكبر فى الثالوث، ولقد تضاربت الارءا فى اصل هذا الاله. ولا جدال في أنه لتقريب شقة الخلاف الدينى بين المصريين والإغريق، كان يتعين أن يكون محور الديانة الجديدة مذهبا مصريًا يمكن إقناع الإغريق بالإقبال على اعتناقه، وذلك لأنه بقدر ما كان إيمان الإغريق من ضعف، وما ساورهم من شكوك في مقدرة آلهتهم كان المصريون يستمسكون بمعتقداتهم الدينية ويفاخرون بها. وكان يتعين كذلك أن يكون كبير آلهة الديانة الجديدة معروفًأ للجميع، وفي وسعه أن يحتل مكانا ساميا في نفوس الناس وعقولهم)). وهذا كان رأى احد اباء التاريخ المصرى القديم فلماذا نتسمك نحن اليوم ونسير على مقولة الاجنبى بان الثالوث كان فى عقيدة المصرى القديم؟؟ الا نرمم التاريخ؟؟ ثم انه من الملاحظات الهامة ههنا نجد بان حورس الاله المصرى الاصل يصبح فى كنف البطالمة الاله حورس الطفل (حربوقراطيس = حورس الطفل) وهو الذى فى الاصل الاله المحبوب عند المصريين وله مكانة خاصة فى قلوب وعقول المصريين، وكذلك ابيه اوزوريس الذي توفى وبعث وكان يحمى الموتى فى خلال رحلتهم في مجاهل العالم الآخر ويكسبهم جانبا من خلوده.
ونوعا من الحنكة والذكاء الاغريقى كذلك وخاصة امام المصريين بالنسبة للاله أوزوريس فلقد فخمه البطالمة ولكنهم لم يرفعوه قط الى مصاف الاله ديونيسوس، فنجد بان الاله اوزوريس يفخم كثيرا ونجد له خصائص لم تكن معروفة من قبل مثل (اوزيرحابى) وخاصة لاهمية نهر النيل عند المصريين القدماء.
وكذلك كان الحال مع دمج الاله اوزير مع سرابيس كذلك وظهور الاله (اوزيرابيس) والذى كان يتمتع بمكانة كبيرة بين الإغريق النازلين في مصر قبل ارتقاء بطلميوس عرشها وبعد ارتقاء بطليموس عرش مصر، وخاصة ان الخلط هذا له فى الاساطير الاغريقية تشابه كبير، حيث توجد اقدم وثيقة حول ذلك موجودة فى (متحف فيينا) وهى عبارة عن بردية اغريقية تدور قصتها حول التماس للاله (اوزيرابيس) لينزل نقمته على زوج أمراة اغريقية تدعى (ارتيميسا) التى تزوجت من هذا الرجل وانجبت منه طفلة توفيت ورهن جثتها ولم يفى بدينه. ولذلك كتبت هذه الزوجة هذا الالتماس الى الاله سيرابيس الاغريقى والذى تحول وكما سبق القول الى الاله اوزيرابيس.
وهذا مثال صارخ قوى على التداخل الممزوج بين الالهة المصرية والاغريقية فى العهد البطلمى، وهكذا ظهرت مدينة الاسكندرية من الناحية الدينية فى العهد البطلمى وظهور فكرة الثالوث وعبادة العجل وما الى غير ذلك. وهكذا اصبحت الاسكندرية المركز الاول والرئيسى لعبادة سيرابيس، وكان هناك معبدا كبير هناك وبه تمثال رائع لهذا العجل وهو نفسه التمثال الذى اهدى الى الامبراطور الرومانى (هادريان) فيما بعد.
ويضاف إلى ذلك أن القرائن تشير إلى أنه كان يعهد إلى كهنة سيرابيوم منف بتولى مناصب دينية في سيرابيوم الإسكندرية، وهم الكهنة المصريين بطبيعة الحال السائرون على النهج البطلمى والذين لا يعرفون عن دينهم الحقيقى الاصيل أى شىء على الاطلاق.
والشىء بالشىء يذكر بان ذلك هو نفسه الذى حدث مع مدينة منف ولاهميتها التاريخية والقومية عند المصريين وتم انشاء معبد منف وكما ذكر مانيتون فى تاريخه، وظهور عجل مدينة منف الذى عرف باسم العجل ممفيس.
أولا:- العجل ممفيس
صورة العجل ممفيس
وظهر ايضا فى هليوبلس البطلمية او (اون) او منف المصرية قديما ما عرف باسم عبادة العجل ممفيس. واعتقد انه منذ فجر تاريخ مدينة اون لم يظهر فيها اى عجل على الاطلاق ثم انها كانت منذ منتصف الاسرة الرابعة مركزا لعبادة الشمس وعقيدة الشمس فاين العجل ههنا او عبادة العجل منفيس؟؟.
وللحق التاريخى والذى لم يتفهمه المؤرخ (مانيتون) فى تاريخه والذى ادعى بان عبادة العجل ممفيس تعود الى الجذور الاولى للحضارة المصرية القديمة، فان اول ظهور تاريخى مدقق لهذا العجل كان فى عهد العمارنة والملك اخناتون وعرف باسم (مرور) وهو الذى عرف باسم (منفيس) فى العهد البطلمى. واعتقد بانه لاشك لدى كل علماء العالم والاثارين بان اخناتون كان موحدا ومن مظهرى عقيدة التوحيد فى مصر فما علاقة اخناتون بهذا العجل ؟؟.
ويقول العلماء الحديثون بانه احتمال كبير ان يكون عبادة هذا العجل اقدم بكثير من عهد اخناتون، فلماذا يقولون احتمال فلنبحث نحن؟؟ لانه فى القانون العام مقولة شهيرة (ما بنى على الاحتمال سقط لديه الاستدلال).
فكلمة مرور فى عهد اخناتون كانت تطلق على نوع من العجول المتميزة باللون الاسود ويظهر على جسمه وذيله اشكال سنابل، وهذه كانت علامات مميزة لهذا العجل. وكان هذا العجل بهذه الخصائص لا يؤكل بل يحافظ عليه وعلى قطيعه لامر ما ولاأدرى ما هو على وجه التحديد!!.
اما عن مسالة عبادته وخاصة فى عهد اخناتون فهذا من ضرب المستحيلات وخاصة ان اخناتون نفسه نادى بالتوحيد اليس كذلك؟ والسؤال مرة اخرى هل وجد ذكرا لاسم هذا العجل قبل عهد اخناتون؟؟ هل نجد له وصف او مسمى قبل عهد اخناتون؟ بالطبع (لا) لان اول ظهور له وكما سبق القول كان فى عهد اخناتون وعرف باسم العجل (مرور) ثم اين (رع واتوم) أرباب هليوبليس فى الدولة القديمة ولهم ذكر ايضا فى الدولة الوسطى والحديثة وما الى اخره. ثم ان اخناتون نفسه كملك على مصر لم يقدس هذا العجل ولا حتى كهنة امون فى طيبة الغير مواليين لحكم اخناتون.
اما عبادة هذا العجل فى العهد البطلمى وخاصة لاهمية مدينة هليوبليس فكانت هى نفسها نفس الطقوس التى كانت تعمل للاله اتوم فى نفس هذه المدينة، ومن الامور الغريبة فى هذا العجل من الوجهة اللاهوتية فى العصر البطلمى بانه يتصل كلية بالاله رع اتوم رب هليوبليس فى العهد البطلمى ايضا.
اما لماذا ظهر فى عهد اخناتون نصوص لهذا العجل فهذا امر غير معروف حتى الان على الاطلاق؟؟ وخاصة ان ذكره كان لمميزاته التى كتبنا عنها ولم يكن فيها نوع من العبادة على الاطلاق. ثم لم نسمع عن هذا العجل مرة اخرى سوى فى العهد البطلمى وما احيط به من روايات تنسب الى مصر قديما وهذه الروايات التى لاصحة لها على الاطلاق فى صحيح التاريخ المصرى الاصيل القديم.
والاحتمال الاكبر فى هذا الامر من ناحية صحيح التاريخ وهذا راى الخاص والله اعلم على كل حال، أن الاطباء البيطرين استطاعوا انتاج فصيل جديد لهذا العجل وبهذه المواصفات، وخاصة ان الاطباء البيطرين كان لهم باع طويل فى التاريخ المصرى من ناحية الانتاج والتهجين وما الى غير ذلك. واعجب الملك اخناتون بهذا الانتاج الجديد واهتم به، ثم اختفى هذا الانتاج تماما مع انتهاء عهد تل العمارنة. وهذا كل ما يمكن ان يقال عن ظهور هذا النوع من العجول وكنوع من الاجتهاد التاريخى فى موضوع ترميم التاريخ وخاصة ان هذا العجل لم نجد له اية وثيقة تشير الى عبادته على الاطلاق لا من قبل اخناتون ولا فى عهد اخناتون ولا من بعد عهد اخناتون، واسف جدا لقول مانيتون فى تاريخه بان هذا العجل عبد فى مصر منذ العصور القديمة، واسف ايضا لقوله التاريخى المغلوط بان المصرى القديم كان عابدا للحيوان.
ان سرابيوم منف فى الاصل التاريخى المدقق كان معبدا لاوزير، والذى تحول فى العهد البطلمى الى أوزيريس ـ أبيس بالقرب من منف، ولقد اطلق البطالمة عليه منذ بداية عصر البطالمة اسم السيرابيوم أى معبد سيرابيس.
فإنه فى صحيح التاريخ لم يوجد سيرابيوم إغريقى وسيرابيوم مصري، بل سيرابيوم واحد يتألف من مجموعة مبان، تقوم على الأرض المرتفعة إلى ما وراء الأراضي الزراعية، ولعل منشأهذه الافتراضات أنه وإن كان إله سيرابيوم منف إلهًا مصريًا، إلا أنه في أحد هياكل هذا المعبد كان يوجد تمثال لهذا الإله في شكله الإغريقى، أى في الصورة التي قدم بها للإغريق لكي يقبلوا على عبادته. وهذا يثبت أن المصريين والإغريق كانوا يعبدون الإله نفسه، وإنما في صورتين مختلفتين تناسب كل صورة منهما معتقدات كل فريق.
ومن عجائب العهد البطلمى فى منف كذلك نجد ظهور الها اغريقيا وهو اله الطب (أسكلبيوس) ولكى يهتم المصريين به ادمجوه مع المهندس المصرى العبقرى (ايمحتب) بانى ومهندس مجموعة سقارة الخالدة. والذى قيل عنه فى العهد البطلمى بانه كان طبيبا واله الطب عند المصريين القدماء فهل وجدنا نصا مصريا قديما يشير الى ذلك حتى ولو كان ايمحتب طبيبا فعلا؟؟.
وكذلك ظهور ثالوث منف لاول مرة والذى يتكون من الالهة الثلاثة وهم: بتاح وسخمت و نفرتم. فكان المعبد الذي شيد فوق مقبرة إمحوتب يدعى (معبد أسكلبيوس) وهو المعبد الذى اطلق عليه الاغريق معبد اله الطب اسكليبوس او ايمحتب داخل الاسوار المقدسة. ثم ظهور قصة لانعرف لها اى صحيح فى التاريخ المصرى القديم التى عرفت باسم (القديستان التوأمان).
وهما اللتين كانتا ياتيان لهذا المعبد لتقديم القرابين للاله اسكلبيوس وفقا لرواية الكاتب الاغريقى (هيكاتيوس) والذى قال ايضا بانه كان يوجد بالقرب مقبرة العجل هيكل لالهة جنائزية وهى الهة مصرية فى ثوب اغريقى؟. وهكذا ظهر مثل هذا العجل سواء فى منف او فى الاسكدنرية وظلت عبادتهم موجودة حتى عصر الرومان، سواء فى الوثائق الديموطيقية او الوثائق الاغريقية التى عثر عليها هناك.
ومما يجدر بالملاحظة مما احاط بهذه العقيدة فى العهد البطلمى غموضا وبحثا ان ابرز مظاهر الشعائر الاغريقية لسيرابيس وايزيس واوزوريس كانت تحتوى على طقوس سرية تختلف تماما عن الطقوس المصرية القديمة، وبذلك نتأكد تماما بان كل الشعائر سواء فى الاسكندرية او منف كانت شعائر اغريقية تماما وليس لها اية صلة بالشعائر المصرية القديمة، الا ان هناك من يخالف هذا الرأى مثل الاثرى (كيسلنج).
ولكن الاثرى كيسلنج تناسى تماما تلك المعابد التى شيدت لسيرابيس فى خارج مصر، وانه فى هذه المعابد كانت الشعائر تقام على يد كهنة اغريق وليس من بينهم كاهن مصرى واحد. وان هذه الشعائر سواء كانت هنا او هناك لم تتغير فى ملامحها الشعائرية قط، ولقد تناسى ايضا بانه فى مدينة الاسكندرية انذاك كان كل الكهنة من الاصل الاغريقى. ولقد تناسى ايضا بان الهدف من انشاء هذه المعابد هو ازالة النفور بين المصريين والاغريق، وذلك ليشعر الفريقان بانهم يعبدون الها واحدا، والاختلاف فى المسمى او الشكل فقط. وكان هذا دورا يعصب القيام به كهنة مصريين حتى وان كانوا نشأوا وترعرعوا فى الكنف البطلمى.
ومن التدقيق التاريخى كذلك والذى يثبت التداخل الممزوج بين المصريين والاغريق هو وجود الاله سيرابيس فى ابيدوس، وهل وجدنا مثل هذا الاله فى ابيدوس طوال التاريخ المصرى القديم كله؟؟ ولنتعرف الان على الاله سيرابيس هذا الذى ظهر فى ابيدوس فى العصر البطلمى.
ثالثا:- سيرابيس فى أبيدوس
وفي أبيدوس مقر ثالث المعابد الكبيرة لسيرابيس، لم يكن هذا الإله سوى الترجمة الإغريقية لأوزيريس. ونستدل على ذلك من أنصاب الموتى التي زينت حسب التقاليد المصرية بمنظر يمثل أوزيريس وهو يستقبل الموتى. ووجهت الأدعية التي على الأنصاب باللغة الهيروغليفية أوبالديموتيقية إلى أوزيريس، أما باللغة الإغريقية فإنها وجهت إلى سيرابيس. وقد وجدت أنصاب مماثلة في مقابر الفيوم وسقارة.
وظهر ثالوث ابيدوس والمكون من الالهة اوزوريس وايزيس والابن حوريس، وفى نفس الوقت ظهر ثالوث طيبة والمكون من الالهة امون وموت والابن الاله خنسو. وفى نفس الوقت ظهر كذلك ثالوث ارمنت والمكون من الالهة مونتو و ايونت وثنيت.
فمن الممكن ان تكون الالهة (ايونت) قد ذكرت فى عهد الاسرة 19 وانها زوجة الاله مونتو ولكن هل سمع احدا عن الالهة ثنيت من قبل؟؟ وخاصة انها الهة وليست اله كما فى الثواليث البطلمية الاخرى؟؟.
فلم نسمع فى العقدية المصرية القديمة قط عن الالهة ثنيت وخاصة بانه فى التوغل والبحث عن هذه الالهة نجد لها مسميات مختلفة مثل (تانيث او تنت او تانيس او تينيت او تانيت) فما هى كنية هذه الالهة وعلاقتها بالالهة المصرية الاخرى؟؟.
فمن الواقع الدراسى الكامل نجد ان هذه الالهة هى من الاصل الفينيقى او من عصر قرطاج الكبير وليس لها اية علاقة بالالهة المصرية او الاغريقية. ولكن فى العهد الاغريقى اخذت هذه الالهة فى صورة الالهة (افروديت) وهذا موضوع اخر كبير فى العلاقة بين الالهة فى العالم القديم. ومن هنا نؤكد بان الالهة ثنيت او تنيت من الالهة الدخيلة سواء فى الالهة الاغريقية او الالهة المصرية. ولم يقتصر الامر عند هذا الحد فقط بل وظهر عجل مقدس اخر فى ارمنت وهو العجل بوخيس، فما اصل وحكاية هذا العجل وما دخله بمدينة ارمنت وهى مدينة الاله مونتو منذ القديم.
رابعا:- العجل بوخيس
ويقال ايضا عن طريق العصر البطلمى ان مدينة ارمنت كانت تقدس نوعان من الثيران منذ اقدم العصور وهذا الموضوع فيه الشك الكبير جدا سواء من العلماء الاقدمين او الحديثين، وهناك دلائل كثيرة تثبت هذا الشك.
فحقا فى التاريخ القديم المتأخر جدا ظهر عجل مقدس عرف باسم عجل (المدامود) وكانت له خصائص مميزة عن باقى العجول خاصة انه عجل متوسط العمر. واول ظهور تاريخى لهذا العجل كان فى عهد الاسرة الثلاثون وهى اخر اسرة مصرية ملكية ولاندرى حتى الان موقعها الجغرافى وخاصة ان مصر كانت تحت التعسف الفارسى؟. على العموم كانت اخر ايام الحضارة المصرية وايام الفرس كذلك ولانه بعد هذا الملك بحوالى ثلاثون عاما دخل الاسكندر الاكبر مصر وحررها من الفرس.
وهذا الملك هو ( نخب حور حب = نقاطنبو) وفى هذا العهد ظهر عجل الميدامود والذى ربطه بعلاقة مع الاله مونتو وهو اله الحرب عند المصريين القدماء، فلماذا هذا الربط؟؟ لا ندرى حتى يومنا هذا والموضوع ومازال مثار بحث وتدقيق الى ان تظهر باطن مصر امور جديدة.
والاسم بوخيس فى حد ذاته اسم بطلمى وخاصة لوجود حرف (السين) وكما فى اللغة المقدونية واليونانية. فالعجل بوخيس هو فى الاصل عجل المدامود وعمل له الملك نقطانبو المدفن الخاص به مثلما كانت هناك نفس الامور للعجل ابيس، ولكن هل يعنى هذا بانه كان معبودا او مقدسا عند المصريين؟؟.
ومما لاشك فيه حتى يومنا هذا بان ظهور هذا العجل وهو عجل الميدامود او عجل طود ظهر فقط فى عهد (نقاطانبو) وليس قبل ذلك. ولكن السؤال الان اى نقطانبو فيهم؟؟ وخاصة كان هناك ثلاثة ملوك حملوا هذا الاسم واخرهم بعد وفاته واضطراب امور البلاد دخل الاسكندر الى مصروحررها من الفرس.
ولذلك وكما سبق القول فى النصوص المصرية كان هناك عجلين فى ارمنت، واحدا فى الميدامود والاخر فى طود، وكلاهما تابعين لارمنت مع ان اله ارمنت منذ القديم من الزمان كان الاله مونتو.
وكان العجل بوخيس ابيض اللون براس اسود وفى العهد البطلمى ظهر بين قرنيه شمس يعلوه ريشتين ثم ظهر ايضا فى العهد البطلمى كتداخل دينى مع الاله مونتو المتحد مع رع وعرف انذاك باسم (مونتو رع) فهل هناك تداخل دينى اكثر من ذلك؟؟ هل هناك تداخل دينى اكثر من ذلك؟؟
والاحتمال الاكبر للملك نقطانبو بانه كان الثانى، وهذا احتمال شبه مؤكد من ناحيتى الخاصة ولكن الاهم من ذلك بانه وطبقا للاكتشافات والنصوص الحديثة بانه ولا ملك من الثلاثة المسمين باسم نقطانبو لهم اية علاقة بجنوب مصر على الاطلاق، وان سيادتهم لم تكن على مصر كلها وخاصة انها تحت الاحتلال الفارسى بجانب انهم يعتبرون اخر ملوك مصريين فى التاريخ؟؟ فما الراى الان حول ذلك؟؟ وهل فهمنا شىء عن هذا العجل فى عهد ايا منهم؟.
والاحتمال الشبه مؤكد من ناحيتى الخاصة ان هذا العجل المميز كان لغرض ما وهو التطور الاخير لما عرف من قبل باسم العجل أبيس او العجل مرورمن قبل. وعلى العموم هكذا ظهر العجل بوخيس فى التاريخ البطلمى فهل يعنى هذا بانه كان مقدسا او معبودا فى مصر القديمة؟؟.
فى حقيقة الامر ان موضوع الديانة المصرية فى العهد البطلمى تحتاج الى مجهود كبير لفهمها وتحتاج الى سنين بما لدينا من اعادة دراستها وترميمها، هذا وان رغبنا فى ترميم التاريخ حقا.
ومن الغرائب المؤكدة والتى تثبت بان العقيدة المصرية فى العهد البطلمى مخالفة تماما لحقائق وجذور هذه العقيدة هو ظهور ما اطلق عليه عبادة الكبش فى مصر القديمة عن طريق المؤرخين البطالمة وغيرهم من الكهنة الاغريق وغيرهم من التابعين لهم من الكهنة المصريين وتصديق كل ذلك، فما هى حكاية الكبش فى مصر القديمة؟ وما هى اصل عبادة الكبش فى مصر القديمة؟؟.
خامسا:- عبادة الكبش والكبش منديس
ان الكبش معروف فى الحضارة المصرية منذ القديم من الزمان لانه كان رمزا للاله امون منذ ان كان الاله المحلى لطيبة اوعندما كان الاله الرئيسى فى عصر الدولة الحديثة. وهاذا ما يميز الاله امون عن الاله امون رع، وبذلك عرف الكبش منذ التاريخ القديم وكان رمزا لاله محلى وهو امون.
ثم ظهر فى العصر البطلمى بان الكبش كان من الحيوانات المقدسة فى مصر وما الى اخره من هرطقة العصرالبطلمى وكهنته. وكان اول من يكتب عن ذلك هو المؤرخ المصرى مانيتون والذى قال ((ان عبادة الكبش كانت معروفة فى مصر منذ بداية الاسرة الثانية ومن قبل العجلين ابيس ومنفيس)) ولا ننسى بان مانيتون من مواليد مدينة سمنود فى العهد البطلمى واصبح كاهن مصر الاول فى عهد بطليموس الثانى واول من يكتب تاريخ بلاده وكما نوهنا عنه من قبل.
وتدل الاحداث الحقة وما بين طيات السطور بان مانيتون لم يكن لديه المعلومات الاكيدة عن هذا الموضوع وخاصة انه كتب تاريخ مصر كاملا وبعد انقضاء الحضارة نفسها، كما انه من مواليد اخر ملوك مصر لانه بدأ كتابة التاريخ عام 275 ق.م. وكان يبلغ من العمر ما يقرب من الخمسين عاما. اى انه عاصر التطور المصرى منذ حقبة الاسكندر الاكبر حتى عهد بطليموس الثانى، ويعنى ذلك انه تعلم فى المعاهد البطلمية والفكر الجديد وتوفيق الاوضاع وما الى اخره. اما المواكب الجنائزية والمحاريب المقدسة التى عليها الكبش وما الى اخره فهى ناتج عصر الدولة الحديثة والتفخيم فى الاله امون الذى هو يأخذ رمز الكبش. حتى وان وجدت هذه الطقوس فى بعض مناطق الدلتا فهذا لا يعنى بانه كان مقدسا او معبودا وخاصة ان الرمز نفسه يخص احد الالهة المحلية وهو امون، ولما لا يحتفل به فى الدلتا ايضا؟؟. فهل هناك مانع فى ذلك؟؟.
اليس اليوم فى عصرنا الحديث نحتفل مثلا بسيدنا الحسين وهو مقره فى القاهرة ولكن هناك من اهل اسوان يحتفلون به، على العموم ظهرت الاقاويل عن هذا الكبش فى العهد البطلمى وهذا ما اطلقوا عليه (كبش منديس).
واصل مدينة منديس كانت احدى مدن الدلتا والتى تقع الان فى محافظة الدقهلية وكانت تعرف انذاك باسم (دجدت) وكانت موطن الاله اوزوريس. وان اصل الكبش فى جذور العقيدة القديمة لم يكن الها وكما نقول نحن الان وكيف يكون هناك الها غير اوزوريس فى هذه المنطقة او فى هذه المدينة وخاصة انها كانت مرتبطة بالاله اوزير معشوق المصريين منذ القديم من الزمان؟؟.
انما كان هذا الكبش فى الاصل صورة رمزية مجسدة لروح الاله رع وروح الاله اوزوريس قد التقيا فى منديس فكان الارتباط والاتحاد شديدا بينهما حتى انبثق عن ذلك كبش منديس. فالاصل فى كبش منديس هو صورة الاتحاد الروحى بين رع واوزوريس ومجسدة فى صورة كبش وليس كبشا مثل الاله امون مثلا، ولهذا فان شكل قرون الكبش منديس مخالفة فى الشكل تماما لقرون الاله امون.
ولقد قام بهذه الدراسة الشيقة العالم (دريوتون) الذى اهتم كثيرا بموضوع الديانة القديمة فى مصر. ويعتبر العالم دريوتون من علماء الغرب الذين لهم فضل الريادة فى مجال التاريخ والاثار فى الحضارة المصرية القديمة وهو يعتبر اخر اجنبى يمسك المتحف المصرى وهيئة الاثار حتى قيام ثورة يولية عام 1952. ويعتبر دريوتون من الذين اهتموا بالعقيدة المصرية القديمة وتوغل فى دراستها والتعمق فيها وهو الذى اكد بان الكبش منديس ليس الها بل تجسد روحى وكما كتبنا من قبل.
وهكذا لاظهار حقائق التاريخ وخاصة فى موضوع وجذور الديانة المصرية القديمة اؤكد تماما بما لايدع اى مجالا للشك بان المؤرخين الحديثون والعلماء الحديثون المتخصصون فى الديانة المصرية القديمة كتبوا والفوا عن هذه الديانة من واقع النصوص البطلمية وليس من واقع الجذور الحقيقية لهذه العقيدة منذ فجر التاريخ او حتى منذ ظهور نصوص الاهرام. اما عن المصرى القديم على الاطلاق ولقد نوهنا عنها من قبل.
فهذه العبادات الخرافية والتى وراءها كان الفكر البطلمى دفعت بالرومان ان يعتبروا المصريين بلهاء بل ومنهم من استهزاء بالمصريين وخاصة لكراهية الرومان اصلا للاغريق فى مصر، ومنهم على سبيل المثال الفيلسوف الرومانى (سيسرو) الذى قال ((ان المصرى يستحق على ذلك الاحتقار بل ويكون موضع احتقار)). فهل سأل الفيلسوف سيسرو نفسه هل كان المصرى فعلا عابدا للحيوان ام هذا ناتج الفكر البطلمى؟؟ وهل درس سيسرو جذور الديانة المصرية القديمة؟؟ وغيره الكثيرين فى العصر الرومانى والعصر المسيحى وكلهم اتهموا المصريين باشياء لم تكن فى خلد المصرى القديم على الاطلاق.
ويتضح من كل ذلك وبكل ثقة وتأكيد مثبت تاريخيا بان خرافة عبادة الحيوان والثالوث فى مصر ما هو الا نتيجة تخطيط وخداع بطلمى كامل، وان موضوع عبادة العجل ما هو الا فكر يهودى بحت تحت كنف البطالمة فى العصر الأول، وان عبادة العجل فى مصر ما هو الا بدعة يهودية، ولكن للاسف الشديد الكثيرين من علماء الاثار وخاصة المتخصصين فى العقيدة المصرية القديمة ومنهم مصريين يتجاهلون كل ذلك ولا يريدون اظهار حقائق التاريخ او حتى يكذبون من ادعوا بعلمهم الاثرى بانهم من علماء الاثار والتاريخ وخاصة فى موضوع العقيدة المصرية القديمة.
ويا فرحة البطالمة انذاك فى انجاح مفهوم توفيق الاوضاع الدينية بين المصريين والاغريق، ولذلك يمكن وضع النقض الكامل الان لهذه العقيدة البطلمية الجديدة فى عدة نقاط هامة دراسية من اجل المحافظة على حقائق التاريخ وانه لابد من ترميم التاريخ وذلك فيما يلى:-
1- ان العجل سرابيس ماهو الا بدعة اليهود وللنفاق اليهودى مع البطالمة وجد ان هذا العجل فى عبادته وخصائه هو نفس ما لدى الاغريق مع الاله ديونيسوس. ومع بداية اكتمال بناء مدينة الاسكندرية اظهرالاغريق الثالوث الاول من نوعه فى التاريخ المصرى وهو ثالوث الاسكندرية وخاصة للاحتفالات الكبرى التى اقيمت بهذه المناسبة التاريخية والقسم البطلمى لجعل هذه المدينة من اعظم مدن العالم انذاك على الاطلاق.
2- ان هذا العجل هو بكل المقاييس والوثائق والنصوص اخترعه الكهنة فى عهد الملك بطليموس الاول تحت اشراف (هيكاته الابدرى) ومن معه من كهنة اليهود العالمين بالامر، وذلك تحت مسمى توفيق الاوضاع والتأخى بين المصريين والاغريق وخاصة التوفيق فى الاوضاع الدينية وعن طريق الدين كذلك وتاكيدا وتمشيا مع فكرة الثالوث فلقد زوجوا العجل ابيس بالالهة ايزيس والتى انجبت الطفل حربوقراطيس و جعلوه مقدسا.
3- ومن الخطأ التاريخى الكبير ادعاء هيكاته الابدرى فى تاريخه بان المصريين القدماء كانوا يعبدون عجلا مماثلا وهو العجل ابيس والدليل على ذلك المدافن الخاصة بهذا العجل فى سرابيوم سقارة، ثم لا ننسى فى التاريخ الرومانى واثناء التحقير الرومانى بالمصريين واتهامهم بانهم عبدة الحيوان والعجل وما الى اخره.
وكل هذا خطأ شائع كبير وان المصرى القديم لم يكن اصلا لا عابدا للحيوان ولا عابدا للعجل المقدس حتى ولو ظهر مليون سرابيوم فى مصر وذلك لعدة اسباب تاريخية هامة نضعها فى عدة نقاط بعد اجتهاد ودراسات متعمقة كبيرة.
4- كان اول من ادعى ذلك هو الكاهن او العالم الاغريقى ويقال انه كاهنا مصرى الاصل يدعى (ابولونيوس) فى عام 300 ق.م، وكما هو واضح من الاسم انه اغريقيا، فلماذا يقول البعض بانه كان مصرى الاصل؟؟.
فهو اول من ادعى بعقيدة عبادة العجل ونسبه الى القديم من الزمان فى التاريخ المصرى ولذلك يقول بعضا من العلماء الحديثون بان عبادة العجل تعود الى عهد الملك مينا نفسه وخاصة لوجود الثور او العجل على صلايته والاحتفال بالانتصار وتوحيد القطرين. ودلل ابولونيوس على ذلك لوجود السرابيوم فى سقارة وغيره موجود فى مدن اخرى بمصر. ألم اقول لك بان الديانة المصرية التى نعرفها الان اخذها العلماء والاثرين الحديثون من العهد البطلمى فقط وانها ليس لها صحيح فى التاريخ المصرى القديم، وهل تصدقنى الان بانه لابد من ترميم التاريخ؟؟؟.
5- وهناك دليل اخر كاذب من العهد البطلمى ايضا وهو قولهم بانهم عثروا على مدافن حيوانات مختلفة بل بعضها ملفوفا بكفن بطريقة تعبر عن ناحية دينية عقائدية وكما فهم القدماء من البطالمة انذاك. ونحن لا ننكر ايضا بانه تم العثور حديثا على حيوانات تعود الى عهد ما قبل الاسرات مكفونة ومدفونة بعناية كبيرة مما يدل على انها كانت مقدسة وكما اعتقد القدماء من البطالمة والحديثون من علماء الغرب بجانب بطبيعة الحال مدافن السرابيوم والعجل المقدس وهكذا.
ومن هنا بدأ تأثر الكتاب البطالمة بذلك وكتبوا عن ذلك القصص الكثيرة والتى هى غير صادقة احيانا على الاطلاق بل وخيالية مثل قصص الف ليلة وليلة. ومن هذه القصص مثلا قصة (ذلك الرومانى الذى كان فى مصر والذى قتله الغوغاء لانه قتل قطة صغيرة بدون عمد كذلك كما فى الرواية) هذا بخلاف ما كتبه الهرطقى هيرودوت من قبل فى عام 450 ق.م، ولكن قصصه الخيالية المؤلفة ليست موضوعنا الان. ومن هذه الحيوانات مثلا القطط والقرود والطائر ابيس والصقر والتمساح والعجل والبقر وما الى اخره من حيوانات وجدت لها مدافن خاصة وبعضها مكفن وكما سبق القول.
6- وعندما ظهر اول مؤرخ مصرى اصيل وهو مانيتون فى عصر بطليموس الثانى فى عام 275 ق.م كتب فى تاريخه كذلك بان عبادة هذا العجل تعود الى عصر الاسرة الثانية واحتمال قبل ذلك. ولا ننسى من واقع التاريخ بانه نشا وترعرع فى كنف الثقافة الجديدة التى صنعها هيكاته الابدرى وكذلك الكاهن ابولونيوس مما دفعه التمشى مع هذه الثقافة الدينية الجديدة وتاليف تاريخ دينى مغلوط بدون قصد بطبيعة الحال. ولذك فانا اشك تماما فى كل ما كتبه وقاله البطالمة وانها لم تكن عبادة عجل على الاطلاق، بل منازلة بين الملك والعجل لا اكثر ولا اقل.
ونحن الان فى القرن 21 ونجد دول كبرى مثل اسبانيا عندها مصارعة العجل وكذلك فى المكسيك ايضا وهل ادعت اسبانيا او المكسيك بقدسية هذا العجل بالرغم من انتقاء عجول معينة وباوزان معينة لهذه الرياضة؟.
فها هى اسبانيا فى العصر الحديث يقام فيها مصارعة الثيران ويختارون هذه الثيران من بين الكثير والكثير ويشترط فيها القوة والفحولة ويقوم المصارع (الماتادور) بمصارعة هذا الثور وبعض من المصارعين يلقون حتفهم فى هذا الصراع، واحيانا يحضر الملك الاسبانى والعائلة المالكة هذه الاحتفالات.
فلماذا لا نقول بان اسبانيا الان عابدة لهذه الثيران وخاصة انه فى اسبانيا هناك اهتمام كبير بمثل هذه الثيران والمصارعات والاحتفالات؟.
وللرد على كل تلك التخاريف البطلمية نضع ايضا نقاط محددة لتوضيح الامر مثل:-
1- ان الالواح التى وجدت فى السرابيوم وفيها تفخيم من الملك رمسيس الثانى نفسه والذى يقال عنه انه احتفل فى العيد بمصارعة احد الثيران وصرعه فان الكلام والمديح ههنا لايشترط ان يكون رمسيس نفسه او ان المصرى عابدا لهذا العجل وخاصة للفظة العجل المقدس. فالقدسية هنا اتت ليس من العجل ولكن اتت من مصارع هذا العجل اى الملك نفسه. ثم لغويا وبكل تدقيق لابد من التفرقة بين كلمة ( المقدس = دجسر) وبين كلمة (المبجل = ايمحو) ونلاحظ باية صيغة كان النص وعائدة على من كفاعل ليس كمفعول به؟.
2- من المعروف بان الملك وخاصة فى عهد الرعامسة ومن قبلهم كان مقدسا وهذا لا يعنى عبادته ايضا وان ملك مثل رمسيس الثانى فى شموخه وعظمته وقدسيته يصارع عجل فلابد ان يكون هذا العجل مقدسا ايضا وكل هذا لايعنى العبادة بل نوعا من التفخيم المبالغ فيه فقط.
3- وها هو اليوم هناك شخصيات بشرية مقدسة وكما فى القابهم ومع ذلك لا يقدسهم الناس ومنهم بابا روما او الانبا شنودة فى مصر او الدلاى لاما فى التبت مع انه من القابهم كلمة القدسية. فالقدسية هنا تعنى الاحترام المفرط والمبالغ فيه لهذا الشخص او ذاك، وكثيرا فى العصور الوسطى كان الكثيرين من ملوك اوروبا مقدسين ومع ذلك لم يعبدهم الناس.
4- بالرغم من كل ما قاله القدماء والحديثون اقول هنا سؤالا واحدا فقط ومتحديا الجميع وهو: منذ عهد الملك مينا وحتى الملك ابرس فى الاسرة 26 اظهروا لى نصا واحدا يقول بان العجل ابيس كان معبودا فى مصر؟؟؟.
وخاصة ان الملك أبرس وكما فى النصوص كان اخر ملك مصرى يصارع العجل المقدس ابيس وكما فى النصوص المصرية؟ فالمصارعة تدل على القوة سواء صارع او لم يصارع، اما القدسية فلقد نوهنا عنها منذ قليل، فهل من نصوص مصرية تؤكد هذه العبادة قديما؟؟.
وهناك دليل موثق وهو اصل كلمة السرابيوم، لان اصل هذه الكلمة او التسمية اغريقى بحت (السرابيوم = مطار الاله سرابيس) ومعنى ذلك باننا لم نجد اصل هذه التسمية فى مصر القديمة. ثم ان الاله سرابيس هذا قد كتبنا عنه من قبل وهو الاله الاغريقى الذى جعله البطالمة الها مشتركا بين الاغريق والمصريين. فلقد راى الاغريق ان سرابيس مثله مثل الاله اسكليبيوس اله الشفاء، كما ان زيوس مثل امون وهكذا. هذا العجل المصرى القديم كان رمزا للاله بتاح ولم يعبد المصرى حيوانا قط.
بالرجوع الى اصل هذا الموضوع من الناحية المصرية القديمة نجد ان العجل ابيس كان رمزا للاله بتاح اله منف واله مصر كما فى عصر الدولة القديمة وبالاخص الاسر الثلاثة الاولى، ولقد رمز له المصرى القديم فى صورة عجل، ومعنى ذلك بان المصرى القديم عبد الاله بتاح وليس هذا العجل كما قيل فى العهد البطلمى المغلوط.
فالعبادة ترجع اصلا الى الاله بتاح وليس هذا العجل، ولذلك وجدت مقابر لهذا العجل فى منف ترجع تاريخها الى بداية التاريخ المصرى وهذا ما لم يتفهمه مانيتون على الاطلاق ومن هنا كان الاهتمام ايضا بهذا العجل وان كان قد اختفى احيانا فى تاريخ مصر الدينى.
وفى الدولة الحديثة قام المصريون بأنشاء مقابر لهذا العجل وخاصة فى منتصف حكم الاسرة 18 وكانت هذه العجول تدفن فى مقابر منفصلة تحفر تحت الارض ويشيدون فوقها مزارا على سطح الارض.
اما فى الفترة مابين الاسرة 19 حتى الاسرة 25 فقد تم وضع تصميم مختلف للمقبرة، فتم حفر ممر تحت الارض فى الصخر مع حجرات للدفن تفتح على كلا الجانبين وكانت فيها توضع توابيت هذه العجول وهذا ما نلطق عليه الان السرابيوم.
وهذا يوضح تماما بان فكرة هذا الممر الذى يسمى (السرابيوم) كان فى نظر المصرى القديم مخالف تماما لما كتبه البطالمة من ناحية المفهوم والاصل والحقيقة. فهذا العجل المميز انذاك كان رمزا فقط للاله بتاح وهو احد الاله المعشوقة فى التاريخ الدينى المصرى القديم.
فهل يمكننا اليوم تفهم كل ذلك؟ هل يمكننا اليوم من ترميم التاريخ؟ هل يمكننا اليوم بان نكتب التاريخ بايدى مصرية كاملة ونقول شكرا لك ايها الاجنبى وشكرا لكل ما قدمته لنا عن حضارتنا القديمة؟ هل فى استطاعتنا فعل كل ذلك؟؟.
ومن الوثائق الموثقة من عهد الملك رمسيس الثانى مثلا تلك اللوحة الشهيرة والموجودة فى (المتحف البريطاني) والخاصة بزيارة الملك لابى الهول فى الجيزة. فنجد ايضا بان النص هنا يؤول الى الملك وليس لابى الهول وهو نفس الشىء فى لوحة السرابيوم والخاصة ايضا بهذا الملك، وهذا لنثبت بان التفخيم هنا يعود الى الملك نفسه وليس لابى الهول او العجل ابيس المقدس.
ويقول نص هذه اللوحة ((السنة الاولى من عهد جلالة حور الثور القوى محبوب بتاح والمنتسب للالهتين حامى مصر والمسيطر على الممالك الاجنبية حور الذهبى الكثير السنين العظيم الانتصار الملك (ستب ان رع وسر ماعت رع) الاله الطيب المجدد بوصفه ملكا. . . . شبوب النار وهو الاسد المفترس للاسويين ذو اسنان حادة ومخالب فتاكة. . . . .)) وهكذا نجد بكل وضوح بان التفخيم هنا كان يؤول الى الملك رمسيس وليس ابى الهول، وهو نفس الشىء فى لوحته الشهيرة بالسرابيوم.
وفى عهد الاسرة 26 فى عهد الملك بسماتيك الاول نجد احدى لوحات السرابيوم وهى لم تتحدث عن عبادة العجل وانما تتحدث عن ما قام به هذا الملك فى السرابيوم وما اكثر القابه والتفخيم كما هى العادة المصرية مع الملوك. فهذه اللوحة تتحدث عن قيام هذا الملك بترميم مدافن العجل ابيس وما الى غير ذلك من اعمال اخرى فى بعضا من المعابد المصرية.
فالاصل التاريخى لهذا العجل يعود الى دولة منف القديمة وهو صورة مجسدة للاله بتاح ورمزا للاله بتاح ولم يكن عجلا معبودا وكما فى العقيدة البطلمية، فهل يريد علماء اليوم المغالطين لهذه العقيدة تاكيدات واثباتات اكثر من ذلك؟؟.
والنقطة الاخيرة فى هذا الفصل هو علاقة المصرى القديم بالحيوان والاصل هو الاستأناس وليس العبادة يا اصحاب العقول. وهذا يعود ايضا الى العصور البدائية الاولى وليس كما قال المؤرخين قديما وحديثا بان المصرى القديم كان عابدا للحيوان.
أخيرا كقول فصل انه كان إستئناس الحيوان وليس العبادة
لقد قام المصريون بإستئناس الكلاب منذ عهد قديم للغاية، وذلك ربما لفائدتها أثناء الصيد واختيرت أنواع عدة منها في أماكن مختلفة وهي أنواع يصعب تمييز أجناسها العلمية حاليا بوضوح من الرسوم التي وردت فهيا، ولم تكن مقدسة على الاطلاق وكما فى الفكر المغلوط.
ولكن عند الصبغة الدينية المصرية نجد هناك نوعا من الكلاب والذى عرف باسم (اوبواوت = فاتح الطريق) وكان أكثر هذه الأنواع ظهورا في هذه الرسوم ذلك الذي حمل اسم معبود اسيوط، والذى يدل معنى اسمه على طبيعته فى البحث والتجوال. وفى العصر البطلمى اخذت المدينة اسما اخر وهو (ليكونبوليس = مدينة الذئب) واعطوه هم القدسية الكاملة.
وفى الصبغة الدينية المصرية نجد ايضا الها على شكل كلب او ابن اوى وهو (انوب والذى سمى فى الاغريقية انوبيس) وهو الذى كان يبجله المصريين ولا يقدسوه وخاصة لاهميته فى التحنيط والمحافظة على الممياء وما الى غير ذلك. فكان التقرب اليه ليس تقديسا بل احتراما وتبجيلا لاهميته فى المحافظة على الممياء واتقاء شره ايضا من ناحية اخرى. وانا مقتنع تماما بانه ليس كل الاشكال الحيوانية فى مصر القديمة عبدت ويحتاج ذلك مننا الى دراسة كاملة للالهة المصرية القديمة وما الفرق بينها من حيث الشكل الحيوانى او الانسانى او النباتى وما الى غير ذلك، لانه فى منتهى البساطة لو كان المصرى القديم عابدا للحيوان لكان اتخذ كل الاشكال الالهية فى صورة حيوانية فقط، اليس كذلك؟؟.
واليوم مثلا فى العصر الحديث نجد جمعيات عالمية تعمل من اجل الحيوان وحمايته من الانقراض وما الى اخره من اهداف جمعيات الرفق بالحيوان، ولايمكننا ان نقول بان كل هؤلاء الان من عبدة الحيوان؟؟.
ولدينا مثل الان وهو حب الشاعر الانجليزى (كيتس) المحب بجنون بطائر الكروان ولدرجة انه كتب فيه الشعر بل قصائد كاملة، فلماذا لا يقول الانجليز بان كيتس عابدا لطائر الكروان؟.
ثم اليوم ايضا فى عصرنا الحديث الم نجد مواطنين عادين يهتمون بالحيوان وعند موته يقومون بدفنه فى مقابر خاصة او معهم فى المقبرة، فماذا نقول عن هذا ايضا يا اصحاب العقول؟.
واخيرا نقول بان المجتمع المصرى تقبل كل هذه الاشياء وتلك الافكار والعبادات الجديدة عليه تماما لانه كان فرحا من الاصل بالاسكندر الاكبر والذى حرره تماما من العبودية الفارسية، وكان ينظر الى البطالمة على انهم ابناء واحفاد الاسكندر الاكبر. ووجدوا بان سبيلهم الوحيد للعيش الكريم هو تصديق البطالمة ورضاء الملك عليهم. اذ كان كثيرون منهم يخدمون فى الجيش وغيرهم يتولون مناصب حكومية وكانت ترقيتهم بل الاحتفاظ بوظائفهم مرهونة بمشيئة الملك ورضاءه عليهم.
فلا عجب ههنا بانه عندما ادرك المصريون اهتمام الملك والبطالمة والكهنة بهذه الديانة الجديدة اخذ الناس يقبلون على هذه العقيدة وخاصة ان ذويهم من الموظفين والجنود والكهنة يقبلون عليها بل ويتمسكون بها بشدة كبيرة فهكذا دخل المجتمع المصرى باسره فى هذه العقيدة تماما.
ولم يقف رجال الجيش والموظفون والكهنة عند حد التعبد إلى هذا الإله بل عملوا على نشر عبادته ليستمتعوا بالصحة والعافية فضلاً عن الفوز بعطف البطالمة وما يستتبعه ذلك من الخير العميم.
ولم يقتصر الامر ههنا على المصريين فقط بل على الوافدين من الاغريق وغيرهم الى ارض مصر، وهم الذين رفعوا ايضا من شأن الاله سرابيس وكما فى الوثائق الصحيحة للتاريخ المصرى.
ولما العجب عتدما نجد بردية تعرف باسم (بردية اسبندوس) موجودة بالمتحف اليونانى الان وتقول نص البردية ((من اسبندوس كتب إلى أبولونيوس وزير المالية زويلوس مذكرا إياه بأنه في وسع سيرابيس أن يزيده حظوة لدى الملك)). وما كاد ينتصف القرن الثالث قبل الميلاد حتى كان المصريين والاغريق بوجه عام قد أقبلوا بحماس على عبادة ثالوث الإسكندرية والاله سرابيس.
بقلم الآثارى والمرشد السياحى/ أحمد السنوسى - ماجستير فى الآثار من جامعة فرانكفورت بألمانيا
0 مراجعة